أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطب شهر أبريل 2024م

موضوعات خطب شهر أبريل 2024م
 
 ننشر موضوعات خطب الجمعة لشهر أبريل 2024م:
الجمعة الأولى : 5/ 4/ 2024م – صدقة الفطر وحق الله في المال.
• الجمعة الثانية : 12/ 4/ 2024م – الاستقامة والمداومة على الطاعة.
• الجمعة الثالثة : 19/ 4/ 2024م – معنى التاجر الصدوق ومنزلته.
• الجمعة الرابعة : 26/ 4/ 2024م – تطبيقات حُسن الخلق.
 
ولقراءة خطبة عن موضوع خطبة الجمعة الأولي من شهر أبريل 2024م : “صدقة الفطر وحق الله في المال”

خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 26 رمضان 1445هـ ، الموافق 5 أبريل 2024م

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م بصيغة word بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م بصيغة pdf بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد ، للدكتور محمد حرز.

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد .

 

أولًا: ومرتْ الأيامُ سريعًا.

ثانيـًـــا :حقُّ اللهِ في المالِ كثيرٌ وعديدٌ.

ثالثًا وأخيرًا: العبرةُ بالخواتيمِ أيُّها الأخيارُ !!!  

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 5 أبريل 2024م بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد : كما يلي:

صدقةُ الفطرِ وحقُّ اللهِ في المالِ أحكامٌ ومقاصدُ

 د. مُحمد حرز بتاريخ: 26 رمضان1445هــ –5 أبريل 2024م

الحمدُ للهِ، القائلِ في محكمِ التنزيلِ: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِـهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُـزَكِّيهِمْ بِهَا﴾ التوبة 103، وَأَشْهَدُ أنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلي الصالحين، وَأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصفيُّهُ مِن خلقِهِ وخَلِيلُهُ القائلُ كما في حديثِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ)، فاللهم صلِّ وسلمْ وزدْ وباركْ على النبيِّ  المختارِ وعلى آلهِ وأصحابِهِ الأطهارِ الأخيارِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.  أمّا بعدُ …..فأوصيكُم ونفسِي أيُّها الأخيارُ بتقوىَ العزيزِ الغفارٍ{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }سورة  أل عمران (102).

عبادَ اللهِ: ( صدقةُ الفطرِ وحقُّ اللهِ في المالِ أحكامٌ ومقاصدُ ) عنوانُ وزارتِنَا وعنوانُ خطبتِنَا.

أولًا: ومرتْ الأيامُ سريعًا.

ثانيـًـــا :حقُّ اللهِ في المالِ كثيرٌ وعديدٌ.

ثالثًا وأخيرًا: العبرةُ بالخواتيمِ أيُّها الأخيارُ !!!  

أيُّها السادةُ : بدايةً ما أحوجَنَا في هذه الدقائقِ المعدودةِ إلى أنْ يكونَ حديثُنَا عن صدقةِ الفطرِ وحقِّ اللهِ في المالِ أحكامٌ ومقاصدُ، وخاصةً  مَا أجوجنَا إلى تفعيلِ دورِ الزكاةِ والصدقةِ في المجتمعاتِ فمَا جاعَ فقيرٌ وربّ الكعبةِ إِلّا بشحِّ غنيٍّ ولا حولَ ولا قوةَ إلّا باللهِ، فما أحرَى أنْ يقفَ الأغنياءُ بجانبِ الفقراءِ وأنْ يمدُوا إليهم يدَ الرحمةِ والمعونةِ والعطفِ والإحسانِ، وما أجملَ المجتمعاتُ التي تتماسكُ وتتكاتفُ لتصلَ بأيدِي أبنائِهِا وسواعدِهِم، وتعاونِهِم إلى بَرِّ الحياةِ الكريمةِ الطيبةِ، وخاصةً والناسُ في أزماتِهِم في حاجةٍ إلى حقِّ اللهِ في المالِ، كما قالَ ربُّنَا: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) المعارج 24، وخاصةً وزكاةُ الفطرِ تجبُ بالفطرِ مِن رمضانَ، فالبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوان.

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد 

أولًا: ومرتْ الأيامُ سريعًا.

أيُّها السادةُ:  ومرتْ الأيامُ سريعًا، وصدقَ ربُّنَا إذْ يقولُ: ( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)) آل عمران 140، ومرتْ الأيامُ سريعًا وصدقَ ربُّنَا إذ يقولُ: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)) آل عمران 185، ومرتْ الأيامُ سريعًا وصدقَ ربُّنَا إذ يقولُ: ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27)) الرحمن ، بالأمسِ القريبِ كُنّا ننتظرُ شهرَ رمضانَ وها نحنُ في الأواخرِ منهُ فهلْ مِن متعظٍ ومدكرٍ؟ قال الحسنُ البصريُّ رحمهُ اللهُ: يا ابنَ آدمَ إنَّما أنتَ أيامٌ إذا ذهبَ يومٌ ذهبَ بعضُك!!!مرتْ الأيامُ سريعًا وصدقَ نبيُّنَا ﷺ إذ يقولُ : « مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا في الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ». رواه الترمذيُّ، وللهِ درُّ القائل

غدًا تُوفَّي النفوسُ ما كسبتْ  *** ويحصدُ الزارعونَ ما زرعُوا
إنْ أحسنُوا أحسنُوا لأنفسِهم *** وإنْ أساءُوا فبئسَ ما صنعُوا

ومرتْ الأيامُ سريعًا وها هي الساعاتُ تمرُّ، والأيامُ تجرِى مِن  وراءِهَا، أوشكَ رمضانُ على الانتهاءِ، كنَّا بالأمسِ القريبِ نتلقّى التهانِي بقدومهِ، ونسألُ اللهَ بلوغَهُ، واليومُ نتلقَّى التعازِي برحيلهِ، ونسألُ اللهَ قبولَهُ.. كنَّا في شوقٍ للقائهِ، نتحرَّى رؤيةَ هلالهِ، ونتلقّى التهانِي بمقدمهِ، وها نحن في آخرِ ساعاتهِ، نتهيأُ لوداعهِ، وهذه الجمعةُ الأخيرة منه ، فسبحانَ مُصَرِّفِ الشهورِ والأعوامِ، سبحانَ مدبرِ الليالِي والأيامِ، سبحانَ الذي كتبَ الفناءَ والموتَ على جميعِ خلقهِ وهو الحيُّ الباقِي الذي لا يموت ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ (الرحمن: 26، 27). فو اللهِ إنَّ قلوبَ الصالحين إلى هذا الشهرِ تحنُّ، ومِن ألمِ فراقهِ تئنُّ، وكيفَ لا؟ وقد نزلتْ فيه رحمةُ ربِّ العالمين؟ كيف لا تتألمُ قلوبُ المحبين على فراقهِ وهم لا يعلمون هل يعيشون حتى يحضرونَه مرةً أُخرى أم لا، فإنْ لم نحسنْ استقبالَهُ يا سادةٌ فلنحسنْ توديعَهُ، فالعبرةُ بكمالِ النهايةِ لا بنقصِ البدايةِ (فالعبرةُ بالخواتيمِ)، شهرٌ ربحَ فيهِ مَن ربح.. وخسرَ فيهِ مَن خسر.. وقُبلَ فيه مَن قُبل.. وطُردَ فيه مَن طُرد.. فيا ليتَ شعرِي.. مَن المقبولُ مِنّا فنهنئَهُ؟ يا ليتَ شعرِي.. مَن المطرودُ مِنّا فنعزيه!! فطُوبَي لِمَن أدركَ رمضانَ وغُفرَ له، وطوبَي لمَن أدركَ رمضانَ واُعتقتْ رقبتُهُ مِن النارِ، وخابَ وخسرَ مَن أدركَ رمضانَ ولم يُغفرْ له، خابَ وخسرَ مَن أدركَ رمضانَ ولم تُعتقْ رقبتهُ مِن النارِ. .. صعِد النَّبيُّ ﷺ المنبرَ ، فقال : آمين ، آمين ، آمين ، فلمَّا نزلَ سُئِلَ عن ذلك ، فقال : أتاني جبريلُ ، فقال : رغِمَ أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِمَ أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين ، ورغِمَ أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له ، قُلْ : آمين ، فقلتُ : آمين)، ومرتْ الأيامُ سريعًا، وللهِ درُّ القائلِ:

دقاتُ قلبِ المرءِ قائلـــةٌ له *** إنَّ الحياةَ دقـــــائقٌ وثوان

فارفعْ لنفسِكَ قبلَ موتِكَ ذكرَهَا ***   فالذكرُ للإنسانِ عمرٌ ثان

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد 

ثانيـًـــا :حقُّ اللهِ في المالِ كثيرٌ وعديدٌ.

أيُّها السادةُ: إِنَّ مِن طَبِيعَةِ النَّفسِ البَشَرِيَّةِ أَنَّهَا مَيَّالَةٌ إِلى المَالِ، مُحِبَّةٌ لِجَمعِهِ، قَالَ -سُبْحَانَهُ-: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالبَنِينَ وَالقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالخَيلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنعَامِ وَالحَرثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسنُ المَآبِ) [آل عمران:14]، وَقَالَ -سُبْحَانَهُ-: (وَتُحِبُّونَ المَالَ حُبًّا جَمًّا) [الفجر:20]، وَقَالَ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات:8]، وَقَالَ ﷺ: “لَو أَنَّ لابنِ آدَمَ وَادِيًا مِن ذَهَبٍ أَحَبَّ أَن يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَن يَملأَ فَاهُ إِلاَّ التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن تَابَ” رَوَاهُ الشَّيخَانِ وَهَذَا لَفظُ البُخَارِيُّ. لذا فرضَ اللهُ جلَّ وعلا في المالِ حقًّا للسائلِ والمحرمِ، فقال جلَّ وعلا: (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)، ودينُنَا دينُ التكافلِ دينُ التراحمِ دينُ الرحمةِ والمودةِ والألفةِ دينُ التعاونِ كمَا قالَ ربُّنَا ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ المائدة: 2،وكمَا  قالَ النبيُّ ﷺ  كما في صحيحِ البخارِي ومسلمٍ منْ حديثِ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ)، فشبَّهَ النبيُّ ﷺ  ترابطَ المسلمينَ بالبنيانِ القويِّ الشامخِ الذي لا تهزُّهُ الزلازلُ والعواصفُ. وصدق رسولُ اللهِ ﷺ  إذْ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)، إِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ وَالجُودُ وَالإِحْسَانُ وَالبِرُّ وَصِلَةُ الأَرْحَامِ تَطِيبُ في كُلِّ زَمَانٍ، فَهِيَ تَزْكُو وَتَتَضَاعَفُ حَسَنَاتُهَا في شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ الجُودِ وَالإِحْسَانِ. وَمَا دُمْنَا في شَهْرِ رَمَضَانَ وَفي عَشْرِه الأَخِيرِ فَلْنَتَأَمَّلْ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾، وقال جل وعلا ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾. ونبيُّنَا ﷺ نبيُّ الرحمةِ والتعاطفِ كانَ كالريحِ المرسلةِ لا يمسكُ شيئًا، كانَ أجودَ الناسِ، وكانَ أجودَ ما يكونُ في رمضانَ، فالرسولُ – صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلم – أجودُ بالخيرِ مِن الريحِ المرسلةِ، وفي صحيحِ مسلمٍ  كما في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: ما سُئِلَ رَسولُ اللهِ ﷺ علَى الإسْلَامِ شيئًا إلَّا أَعْطَاهُ، قالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ فأعْطَاهُ غَنَمًا بيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرَجَعَ إلى قَوْمِهِ، فَقالَ: يا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فإنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءً لا يَخْشَى الفَاقَةَ)، فَهَلْ مِنْ سَامِعٍ لِنِدَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾؟ هَلُمُّوا يَا عِبَادَ اللهِ للإِنْفَاقِ في هَذِهِ الأَيَّامِ المُبَارَكَةِ، وَأَبْشِرُوا بِدُعَاءِ المَلَكِ لَكُمْ، رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا».كُنْ مُنْفِقًا، وَلَا تَكُنْ مُمْسِكًا حَتَّى لَا تَنْدَمَ ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾.

ومِن حقِّ اللهِ في المالِ: الصَّدَقَاتُ الزَّائِدَةُ عَنِ الزَّكَاةِ تَكُونُ بِفَضْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وِقَاءً مِنَ النَّارِ، وَنَجَاةً مِنْ عَذَابِ اللهِ تعالى، روى مسلمٌ في صحيحِهِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللهُ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ». الصَّدَقَاتُ الزَّائِدَةُ عَنِ الزَّكَاةِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، روى الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ». وَحَقًّا صَانِعُ الْمَعْرُوفِ لَا يَقَعُ، وَإِذَا وَقَعَ وَجَدَ مُتَّكَأً. تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ يَتَحَسَّرُ أَحَدُنَا عَلَى الصَّدَقَةِ، حَيْثُ لَا تَنْفَعُ الحَسْرَةُ، وَاحْفَظُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ تَنْجَلِي الحَقِيقَةُ التي نَسِينَاهَا أَو تَنَاسَيْنَاهَا، نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى أَجْرِ الصَّدَقَةِ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَةِ الفَقِيرِ إلى صَدَقَتِنَا، لِأَنَّ هَذَا العَبْدَ الذي قَالَ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ﴾، تَصَدَّقُوا قَبْلَ أَنْ يَتَحَسَّرُ أَحَدُنَا عَلَى الصَّدَقَةِ، حَيْثُ لَا تَنْفَعُ الحَسْرَةُ، وَاحْفَظُوا قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ تَنْجَلِي الحَقِيقَةُ التي نَسِينَاهَا أَو تَنَاسَيْنَاهَا، نَحْنُ بِحَاجَةٍ إلى أَجْرِ الصَّدَقَةِ أَكْثَرَ مِنْ حَاجَةِ الفَقِيرِ إلى صَدَقَتِنَا، لِأَنَّ هَذَا العَبْدَ الذي قَالَ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ: ﴿رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ﴾، وَاللهِ مَا قَالَهَا رَحْمَةً بِالفُقَرَاءِ، بَلْ قَالَهَا رَحْمَةً بِنَفْسِهِ تَحَسُّرًا عَلَى مَا قَصَّرَ فِي حَقِّ الفَقِير وَمَا فَوَّتَ عَلى نَفْسِهِ مِنَ الأَجْرِ.

فإياكَ والبخلَ، فالبخلُ ليس مطلوبًا ولا مرغوبًا، لذا استعاذَ منه النبيُّ ﷺ فقالَ كما في حديثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ) فلماذا البخلُ والشحُّ عبادَ اللهِ مع أنَّ اللهَ تباركَ وتعالى يبغضُ البخيلَ في حياته كما في حديث عبدِ اللهِ بن عمروٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إيَّاكُم والشُّحَّ، فإنَّمَا هلَكَ مَن كانَ قبلَكُم بالشُّحِّ، أمرَهُم بالبخلِ فبخِلوا، وأمرَهُم بالقَطيعةِ فقطعوا، وأمرَهُم بالفجورِ ففجَروا( .رواه أبو داود)

فالزكاةُ  والصدقاتُ هما حقُّ اللهِ في المالِ: وهما عمادُ التكافلِ بينَ المجتمعاتِ الإسلاميةِ، ولهمَا المردوداتُ الإيجابيةُ في خَلقِ مجتمعٍ مسلمٍ نظيفٍ يحبُّ بعضُهُ بعضًا، ولهمَا دورٌ كبيرٌ في تنميةِ المجتمعاتِ وبجانبِ كونِ الزكاةِ عبادةٌ دينيةٌ واجبةٌ على المسلمِ، فإنَّها على المستوَى الماليِّ تجارةٌ مع اللهِ جلَّ وعلا، قالَ ربُّنَا ﴿ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ ﴾ الروم: 39.

تابع/ خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد 

ومِن حقِّ اللهِ في المالِ: زكاةُ الفطرِ شرعَهَا اللهُ في رمضانَ فهي كسجودِ السهوِ بالنسبةِ للصلاةِ وكالدينِ بالنسبةِ للروحِ، وتُسمّى زكاةُ الرؤوسِ والأبدانِ، شُرعتْ زكاةُ الفطرِ تطهيرًا للنفسِ مِن أدرانِ الشحِّ، وتطهيرًا للصائمِ مِن اللغوِ والرفثِ، ومواساةً للفقراءِ والمساكين، وإظهارًا لشكرِ نعمةِ اللهِ تعالى على العبدِ بإتمامِ صيامِ شهرِ رمضانَ وقيامهِ، وفعلِ ما تيسرَ مِن الأعمالِ الصالحةِ فيهِ. وفرضَ رسولُ اللهِ ﷺ زكاةَ الفطرِ علينَا؛ لأجلِ إدخالِ السرورِ على الفقراءِ، وتطهيرًا للصائمِ مِن اللغوِ والرفثِ. روى أبو داودَ بسندٍ حسنٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ، مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَات) وزكاةُ الفطرِ واجبةٌ تجبُ بالفطرِ مِن رمضانَ قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى﴾ [الأعلى: 14]؛ قال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ أي أخرجَ زكاةَ الفطرِ، وعن ابنِ عمرَ رضى اللهُ عنهما كما في الصحيحين: “فَرَضَ رسولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ”. قال ابنُ المنذرِ: “وأجمعُوا على أنًّ صدقةَ الفطرِ فرضٌ”، فتجبُ زكاةُ الفطرِ على كلِّ مسلمٍ: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ. لحديث (فَرَضَ رسولُ اللهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ))، ومقدارُهًا صاعٌ، كما في حديثِ ابنِ عمرَ: “فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ)،  والصاعُ بالكيلُو هو ما بينَ اثنين كيلو ونصف إلى ثلاثة كيلو تقريبًا. والأصلُ في إخراجِهَا أنْ تكونَ طعامًا، ففي حديثِ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ يَقُولُ: “كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ”. ويجوزُ إخراجُهَا قيمةً أو نقدًا كما قال أبو حنيفةَ الثوري وغيرُهُ، وخاصةً إذا كانت الضرورةُ داعيةً إلى هذا ِ…..ويجوزُ تعجيلُ صدقةِ الفطرِ قبلَ العيدِ بيومٍ، أو يومين. قال ابنُ عمرَ رضي اللهُ عنهما: أمرنَا رسولُ اللهِ ﷺ بزكاةِ الفطرِ، أنْ تُؤدّى قبلَ خروجِ الناسِ إلى الصلاةِ. قال نافعٌ: وكان ابنُ عمرَ يؤديهَا، قبل ذلك، باليومِ، أو اليومين. كما تجبُ زكاةَ الفطرِ على الفقيرِ إذا كانتْ فائضةً عن حاجتهِ وحاجةِ مَن يعولُ، لِمَا رواهُ أحمدُ و أبو داود عن ثعلبةَ عن أبي صغيرٍ عن أبيهِ أنّ رسولَ اللهِ ﷺ قال: «أدُّوا صدقةَ الفطرِ صاعًا مِن قمحٍ أو قال برٍّ عن كلِّ إنسانٍ صغيرٍ أو كبيرٍ حرٍّ أو مملوكٍ غني أو فقيرٍ ذكرٍ أو أنثى أمّا غنييكٌم فيزكيه اللهُ، وأمّا فقيرُكُم فيردُّ اللهُ عليهِ أكثرَ مِمّا أعطَى)، والأصلُ أنْ تُخرجَ زكاةُ الفطرِ في البلدِ الذي وجبتْ فيهِ على المُزكِّي، إلَّا أنْ يكونَ البلدُ الذي وجبتْ فيهِ ليسَ بهِ فقراءُ فيجوزُ إخراجُهَا في بلدٍ آخر قريبٍ، ونقلُهَا للضرورةِ.

فاللهَ اللهَ في الإنفاقِ، اللهَ اللهَ في البرِّ، اللهَ اللهَ في إخراجِ الزكواتِ والصدقاتِ، اللهَ اللهَ في التكافلِ والتراحمِ والتعاونِ،  قالَ جلَّ وعلا: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) (آل عمران/92)، ولَا تَحْتَقِرُوا مِنَ المَعْرُوفِ شَيْئًا، مَهْمَا كَانَ قَلِيلًا، فَرُبَّ مَبْلَغٍ قَلِيلٍ تُنْفِقُهُ مَعَ إِخْلَاصِكَ للهِ تعالى يَتَقَبَّلُهُ اللهُ تعالى مِنْكَ، وَيُرَبِّيهِ لَكَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ، روى الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، وَإِنَّ اللهَ يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ (مُهْرَهُ، وَهُوَ الصَّغِيرُ مِنَ الخَيْلِ) حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ».

وأفضلُ الناسِ ما بينَ الورَى رجلٌ *** تُقضَى على يدهِ للناسِ حاجاتُ

لا تمنعنَّ يدَ المعروفِ عن أحدٍ *** ما دمتَ مقتدرًا فالعيشُ جناتُ

قد ماتَ قومٌ وما ماتتْ مكارمُهُم*** وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ

أقولُ قولِي هذا واستغفرُ اللهَ العظيمَ لِي ولكُم

الخطبةُ الثانيةُ الحمدُ للهِ ولا حمدَ إلَّا لهُ وبسمِ اللهِ ولا يستعانُ إلَّا بهِ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ ……..وبعدُ

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة بعنوان : صدقة الفطر وحق الله في المال .. أحكام ومقاصد 

ثالثًا وأخيرًا: العبرةُ بالخواتيمِ أيُّها الأخيارُ !!!  

أيُّها السادةُ: العبرةُ بالخواتيمِ، العبرةُ ليستْ بالبداياتِ، وإنَّمَا العبرةُ بالنهاياتِ، فليس العبرةُ بمَن اجتهدَ في بدايةِ شهرِ رمضانَ ثُم فترتْ عزيمتُهُ بمرورِ أيامِ الشهرِ، فإنَّ ليلةَ القدرِ ربَّمَا تكونُ في آخرِ ليالِي رمضانَ، وليلةُ القدرِ عبادتُهَا خيرٌ مِن عبادةِ ألفِ شهرٍ، فربَّمَا تكونُ آخرُ ليلةٍ عبادتهَا أفضلُ مِن عبادةِ ألفِ شهرٍ وليس شهرُ رمضانَ فقط. وكلمَا اقتربَ المتسابقونَ مِن خطِّ نهايةِ السباقِ جدُّوا واجتهدُوا، فالعبرةُ بالخواتيمِ.

فالبدارَ البدارَ إلى اغتنامِ العملِ فيمَا بقيَ مِن الشهرِ، فعسَى أنْ يستدرَكَ بهِ ما فاتَ مِن ضياعِ العمرِ، ومِمَّا يؤسفُ عليهِ أنْ ترَى بعضَ الناسِ يقبلُ على الأعمالِ الصالحةِ في أولِ الشهرِ مِن الصلاةِ والقراءةِ ثُم ما يلبثُ سريعًا أنْ يفترَ، والعبرةُ بالخواتيمِ، وأفرادُ السباقِ عندمَا يقتربون مِن خطِّ النهاية ينشطونَ أشدَّ مِن ذي قبل ، فعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ تَابَعَ الْوَحْيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تُوُفِّيَ، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ الْوَحْيُ يَوْمَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ”، فعلَى الإنسانِ أنْ يواصلَ الجدَّ والاجتهادَ ويزيدَ في الطاعةِ إذا أخذَ شهرُهُ في النقصِ، فالأعمالُ بخواتيمِهَا ” “وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ”المطففين:26. اعلمُوا  أنَّ اللهَ جلَّ وعلا شرعَ لنَا في ختامِ هذا الشهرِ المباركِ أعمالًا تكملةً لهُ وزيادةً لكم في الخيرِ، فشرعَ لنا أمورًا كثيرةً منها على سبيلِ المثالِ لا الحصر: فشرعَ اللهُ في ختامِ هذا الشهرِ صدقةَ الفطرِ: طهرةٌ للصائمِ مِن اللغوِ والرفثِ وطعمةٌ للمساكينِ وشكرٌ لهُ على توفيقهِ للصيامِ والقيامِ والقرآنِ، ومما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: لزومَ الاستغفارِ فلقدْ كان مِن هَدْي نبيِّنَا ﷺ إذا فَرِغَ مِن صلاتهِ أنْ يستغفرَ اللهَ ثلاثًا، وكذلك كان مِن هَدْي المُتَّقين الذين وصفَهُم اللهُ بأنّهم يستغفرونَ بالأسحارِ بعدَ قيامِ الليلِ، قالَ -تعالى-: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) [سورة الذاريات] كما أمرَ اللهُ عبادَهُ بالاستغفارِ بعدَ أداءِ مناسكِ الحجِّ، فقالَ -عزَّ وجلَّ-: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199) [سورة البقرة]، فالاستغفارُ يجبرُ الخللَ الواقعَ في العبادةِ فاستغفرُوا اللهَ على تقصيرِكُم في الصيامِ والقيامِ . وودعُوا شهرَكُم بالاستغفارِ والتوبةِ وكثرةِ الدعاءِ لعلكم تكونون مِن العتقاءِ مِن النارِ، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (البقرة: 185)، ومِمَّا شرَعُهُ اللهُ لنَا في ختامِ هذا الشهرِ: الشكرَ على نعمهِ وآلائهِ ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ (البقرة: 185)…….. فالحمدُ للهِ على نعمةِ الصيامِ والقيامِ والقرآنِ .الحمدُ للهِ والشكرُ للهِ على أنْ مَدَّ في أعمارِنَا حتى صومنَا النهارَ وقمنَا الليلَ بينَ يدي العزيزِ الغفارِ. ومما شرَعُه اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: الحرصَ على طلبِ العَفوِ والغفرانِ والرحمةِ والرضوانِ: وخاصّةً في ليلةِ القدرِ، فقدْ علّمَ النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلامُ- السيدةَ عائشةَ -رضي اللهُ عنها- طلبَ العَفو مِن اللهِ بقولِ: (اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كَريمُ تُحبُّ العفوَ فاعْفُ عنِّي) [رواه الترمذي]  إذْ أنَّ اللهَ يحبُّ أنْ يطلبَ عبادُهُ العفوَ منهُ سبحانُهُ وتعالى. ومما شرعَهُ اللهُ لنا في ختامِ هذا الشهرِ: التكبيرَ قال جلَّ وعلا ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185]؛ فيسنُّ التكبيرُ ليلةَ العيدِ والجهرِ بهِ في المساجدِ والبيوتِ والأسواقِ تعظيمًا للهِ وشكرًا لهُ على تمامِ النعمةِ.

فالبدارَ البدارَ قبلَ فواتِ الأوان!!!   التوبةَ التوبةَ  قبلَ فواتِ الأوان!!!  الرجوعَ الرجوعَ إلى اللهِ قبلَ فواتِ الأوان !!!

أبتْ نفسِي أنْ تتوبَ فمَا احتيالِي*** إذا برزَ العبادُ لذي الجلالِ

وقامُوا مٍن قبورِهم سكارَى   *** بأوزارٍ كأمثالِ الجبالِ

وقد نُصبَ الصراطّ لكي يجوزُوا *** فمنهم مَن يكبُّ علي الشمالِ

ومنهم مَن يسيرُ لدارِ *** عدنٍ تلقاهُ العرائسُ بالغوالي

يقولُ له المهيمنُ يا ولِيّ   ***  غفرتُ لك الذنوبَ فلا تُبالي

نسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أنْ يتقبلَ منَّا صيامَنَا وقيامَنَا وصلاتَنَا وزكاتَنَا

وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ إنّهُ وليُّ ذلك ومولاه…

                                                     كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه                                                                     

                                                             د/ محمد حرز

_______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »